كتب : بهاء الدين احمد
السودان بلد غني ، نعم بلا تردد ، ولكن أين هي موارده ؟. ولكن لماذا هذا الشعب عضه الفقر بنأبه حتي أدماه ؟.
ربما أسئلة كثيرة منطقية تدور في عقول الكثيرين لماذا تراجعت أوضاعنا الإقتصادية ، وصعدت العديد من الأسماء الطفلية من قاع الفقر الي عالم المال ورجال الأعمال ، يضاربون في كل شئ ، تضخمت ثرواتهم !! وإنتفخت أوداجهم ، يفسدون سراً ، ويظهرون بمظاهر الإحسان ، وهم لم يلجوا بابه ، الا تسلقاً بعد أن تنفسوا الفساد ومال الحرام .
من أرض الشمال بين أزقة دنقلا نشأ وترعرع فتي من أسرة متوسطة الحال ،غنية بالرضاء ،وبيت عامر بذكر الله خرج مولود حمل اسم ماهر سعيد مصطفي ،من ظهر أسرة معروفة ، وحينما نقول معروفة نعني معروفة بجدها وكسبها كأي أسرة سودانية تتطلع الي نجاح الأبناء ، وتقدمهم ، وبالفعل نجح العم سعيد مصطفي مكاوي خريج كلية الطباعة جامعة لندن ومدير المطبعة الحكومية السابق ومطبعة العملة السرية ،في أن ينال هذه الحظوة ، ويكفي أن سيرته بين الناس لازالت ناصعة كبياض القمر في دهمة الليل .
كان ماهر ماهراً حقا ً ، بفضل دقة ترتيبه ، فحمل آماله العراض بين حنايا صدره ، ينشد مستقبله ، ويشق طريقه ، خطوة ،خطوة ، فحظي بحب الناس في كافة مراحله الدراسية ، بمبادراته ، ووفق مقربين منه ، ومتابعاتنا ، كأن أسرع خطوة في مساعدة الغير من أهله ،وأقاربه ، وهو طالب يافع .
كان القانون رغبته فدخل جامعة النيلين كلية القانون وتفوق فيها في العام 1996م ، لم يكتفي بهذه العتبة في محراب العلم ، فكد وأجتهد لينال ماجستير الشريعة والقانون من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض كلية “العدالة الجنائية بتقدير ممتاز في 2016 إلى 2019م”، ليلتحق بعدها بمهنة المحامة لمدة ثلاث سنوات متتالية ، ظهر فيها أمام العديد من المحاكم ، صادحاً بصوت الحق والعدل من العام 1997 وحتى 2000ََم.
لينتقل بعدها الي وزارة العدل هذا الصرح الشامح أحد ركائز تحقيق العدالة ، ليعمل في وظيفة مستشار مساعد تحت التمرين في العام 2001م.
ثم كان التدرج الطبيعي علي النحو التالي في الهيكل الوظيفي بالترقية.
من مستشار مساعد تحت التمرين إلى درجة؛ مستشار مساعد
من مستشار مساعد إلى مستشار.
من مستشار إلى مستشار ثالث.
من مستشار ثالث إلى مستشار ثان.
من مستشار ثان إلى مستشار أول ووكيل أول نياية.
من وكيل أول نيابة إلى كبير مستشارين ووكيل أعلى النياية.
من وكيل أعلى النيابة إلى رئيس نيابة عامة .
محطات مهمة !
يعد مولانا ماهر من أميز القانونيين في سلك النيابة ،ومامن ملف أوكل اليه الا أداه كما ينبغي فكسب ، ثقة مرؤسية ، بل كان كالغيث أينما وقع نفع ، لم يتمرد علي نقله ، بوضع الأعذار ، بل كان مطيعاً ، ومبادراً بتنفيذ تنقلاته ، التي كانت طبيعية ، في سياق الكشف الدوري الذى تصدره الوزارة تحقيقاً لمبدأ العدالة ،والتوزيع العادل للفرص .
فعمل بمكتب المدعي العام لجمهورية السودان ،والإدارة القانونية غرب كردفان
إدارة العون القانوني ، ثم الإدارة القانونية ولاية البحر الاحمر
ثم مستشاراً قانونياً لوزارة الإستثمار ، ثم المستشار القانوني بديوان الضرائب
ثم مكلفاً بمصلحة الأراضي ثم شركة الخطوط الجوية السودانية ثم مستشاراً
لأمانة حكومة ولاية البحر الأحمر، ثم وكيلاً للنيابة الأعلى لمكافحة التهريب دائرة البحر الأحمر، محققاً فيها العديد من الانجازات .
وبعد هذا السير والمسير حطت راحلته الي العاصمة الخرطوم وكيل أول نيابة للخرطوم شمال، ثم وكيل أعلي لنيابات الخرطوم ، ثم رئيساً للنيابة العامة لقطاع الخرطوم .
هذا سفر ماهر ، لمن يسأل عن درايته وخبرته ، لإدارة الملفات الكبيرة ،والبلاغات الحية ، ولأن الأواني الفارغة عادة ماتصدر ضجيجاً ، ولأن العاصمة الخرطوم ، تحتضن المال والأعمال ، أرتجف المفسدون ، بوابل قرارته ، والمضئ بها قدماً الي مراحلها الأخيرة ، كان الرجل هنا كالقطار يسير بلا توقف ، وبالطبع تعالت الأصوات وأصبحنا نقرأ ونسمع ماهر ماهر ، في حالة من الصراخ والذعر ، لم يحمل الرجل سيفاً ،أو بندقية ، مقابل كل هذا الذعر ، بل قلم (بك ) وضع فيه قراراته ، موضع التنفيذ ،حتي أرتجفت فيه مؤخرات المفسدين ، وناهبي المال العام لاسيما من (قاموا بروس ) من ليالي الفقر الي ترف المال والاعمال ، وماأكثرهم هذه الأيام المستأجرين للذمم وتدليس الحقائق ، ومؤامرات الليل ، الذين وجدوا ضالتهم في أصابع آثمة ،ومأجورة ، خيل لهم أن (الكيبورد ) يمكن أن يهزم بطلاً ، أو يدنس حقيقة !! أو تقلب الباطل حقاً ، والحق باطلاً .
محطات مهمة !
تولي مولانا ماهر سعيد مصطفي ملفات مهمة و(ملتهبة ) جعلته يعيش في حالة من الضغط المهني والعملي لكن مقربين في سلك النيابة اشاروا في افادات مهمة بأن الرجل قدر هذا التحدي وقد إعتاد عليه في كل التكاليف التي أوكلت اليه ، علي سبيل المثال لا الحصر عمل مولانا ماهر رئيساً لهيئة الإتهام في دعاوى شهداء ثورة ديسمبر ليحصل على حكم بالإعدام ضد المدان أشرف عبدالمطلب الشهير بأبجيقة في حادثة مقتل الشهيد حسن العمدة اول شهداء الثورة في 25 ديسمبر 2019
وقد تم تأييد الحكم من المحكمة العليا ، كما تولي رئاسة هيئة الاتهام في قضية الشهيد محجوب التاج .
محطة أخري !
عين مولانا ماهر ممثلاً للنائب العام وعضو اللجنة العليا لمراجعة لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م المجمدة التي كشفت عن تجاوزات قانونية ومالية وإدارية أفضت إلى فتح دعاوى في مواجهة بعض أعضاء اللجنة بالإستناد للتقارير الواردة من ديوان المراجع العام التي أكدت وجود المخالفات المذكورة.
يتعرض ماهر لحملة من أتباع الفساد حتى لاتطالهم أيدي العدالة في تأثير واضح لسير العدالة وإشانة السمعة والإفلات من العقاب وحماية الفاسدين .
ظل الرجل لايلتفت الي الوراء لينجح في أهم الملفات الخاصة بالتعدي علي المال العام ، حتي كثر الصراخ والعويل ،ولطمت الخدود ، وشقت الجيوب .
اسئلة كثيرة ربما نطرحها خلال الايام المقبلة في مقدمتها هل يجوز الافراج بالضمانة في بلاغات التعدي علي الأموال العامة والخاصة ؟ وهل في ذلك الإجراء مخالفة صريحة لقواعد الإفراج المنصوص عليها في قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م ؟ وسؤال آخر (لمن في رأسه بطحه) من يعيق سير العدالة في البلاد ؟؟ ويكبل ويقيد، ويسوف من تحقيقها ، واحد مطلوبات لفترة الانتقالية تحقيق العدالة .
ولنا عودة بالاسماء والصفات