تقرير الواقع نيوز
في مدينة مليط، لم تتناثر شظايا القذائف على أرض معركة، ولم تغدوِّ صواريخ طيران الحركة الإسلامية السودانية حول المواقع العسكرية فقط. الهدف هذه المرة كان واضحاً ومُتعمداً قافلة مساعدات إنسانية، تحمل الغذاء والدواء إلى آلاف المدنيين المحاصرين الذين ينتظرون ما يُبقيهم على قيد الحياة.
بهذه الفعلة، وضعت الحركة الإسلامية نفسها أمام اختبار مصداقيتها الأخير، هي لا تواجه خصوماً سياسيين أو عسكريين، بل تواجه الشعب نفسه، وتستهدف بقاءه وكرامته.
جريمة حرب بمرأى العالم لا يحتاج الأمر إلى خبراء قانونيين لاستنتاج الواضح: ما حدث في مليط جريمة بالصور والشهادات تنطق بأن القصف كان مقصوداً، والضحايا أبرياء، والشاحنات لم تحمل سوى المساعدات. ليست هذه “هفوة عسكرية”، بل حلقة جديدة في مسلسل انتهاكات ممنهج جعل من السودان رمزاً للمعاناة الإنسانية.
إستراتيجية التجويع والترهيب منذ انهيار نظامها، ظلت الحركة الإسلامية السودانية تعمل بكل الوسائل لتحويل الثورة إلى كابوس: إشاعة الفوضى، تأجيج العنف، واللجوء الآن إلى سلاح التجويع والقصف. استهداف قوافل الإغاثة يكشف نية مبيتة لكسر إرادة الناس وإجبارهم على الاستسلام. إنها رسالة مفادها: الثورة ستدفع ثمنها غالياً.
ما وراء القصف: رسائل مُبطَّنة حادثة مليط لم تكن عشوائية بل حملت رسائل مُحددة:
· إلى السودانيين: لا فرق بين جندي ومدني عند الحركة الإسلامية الجميع مستهدف.
· إلى العالم: القوانين الدولية لا تعني شيئاً على أرض الواقع إذا تعارضت مع أجندتها.
· إلى الثوار: المشروع الديمقراطي لا يزال تحت النار، ويواجه خصوماً لا يتورعون عن أي فعل لتحقيق أهدافهم.



ما بعد الكارثة: مسؤولية الصمت والخيانة لا يجوز أن تمر هذه الجريمة دون رد فعل يليق بفظاعتها.التاريخ سيسأل الجميع: أين كانوا عندما استُهدف الخبز والدواء؟
· محلياً: يجب أن يتحول الغضب إلى فعل، وتوثيق الجريمة كأداة اتهام دائمة.
· دولياً: لا مكان للصمت؛ فالمطلوب تحريك ملف المحاسبة وفرض مسارات آمنة للإغاثة.
مليط كشفت ما لم يعد قابلاً للتجاهل: الحركة الإسلامية السودانية ليست شريكاً في الحل بل هي جوهر الأزمة.
من يقصف قوافل الحياة لا يمكن أن يُدَّعي أنه يبني وطناً، ومن يستهدف الأطفال والنساء لا يحق له الحديث عن الشرعية أو المستقبل.
ليست مليط مجرد حادثة مأساوية عابرة، بل علامة على منعطف خطير في الصراع معركة الوجود بين مشروعين— مشروع يحمل الحياة والكرامة، وآخر لا يقدم سوى الموت والجوع.