علي أحمد:
هناك شخص ما لم يسمع به أحد من قبل، اسمه “أبو بكر البشرى”، ينتحل صفة وزير وخبير في مجموعة (البرهان وشركاؤه) ببورتسودان، نفي هذا النكرة أمس، ما لم يمكن نفيه ولا المجادلة حوله، حيث نفى وجود مجاعة أو حتى مؤشراتها في السودان!
وقال هذا الكذاب الأشر الذي ينتحل صفة وزير زراعة بحكومة بورتكيران لموقع الجزيرة نت: “إن كل ما يثار عن المجاعة في البلاد، الغرض منه فتح الحدود السودانية واستغلال ذلك لإدخال الأسلحة للمتمردين”.
وكأن جيشه هذا، الذي هو عبارة عن تحالف مليشوي واسع بين كتائب الإخوان “الكيزان” وحركات الارتزاق، هو الذي يتحكم بالحدود وإغلاقها، وكأنه يسيطر على الحدود والمعابر؟!، بل وكأن قوات الدعم السريع ظلت تتلقى الهزيمة تلو الأخرى وكانت تنتظر فتح معبر (أدري) الذي تسيطر عليه بالفعل منذ بداية الحرب لادخال أسلحة أو غيرها؟!
ما هذا الغباء؟ ما هذا الكذب؟، هل كانت قوات الدعم السريع تحارب وتحقق الانتصارات وتسحق الجيش سحقاً سحقا وتدركه دكاً دكا، خلال عام ونصف من الحرب، ولا تزال، بل وتحاصر قادته فيضطرون إلى الهروب من عاصمتهم إلى بورتسودان ويعدون ذلك انتصاراً يحتفون به، هل كانت تحارب بأسياف العشر أم بالعصي والحجارة، أم كانت تستعين بطير أبابيل؟!
هذا جانب، أما الآخر، فإن أي طفل غر يعلم علم اليقين إن أي بلد تدور فيها حرب طويلة المدى تتعرض للأوبئة والمجاعات والكوارث، والسودان بجانب الحرب تضربه السيول والفيضانات والبيئة تتدهور بشكل مريع والأمراض تتفشى على نطاق واسع، والناس فقدت أعمالها والدولة فقدت مواردها حتى أن اللص “جبريل إبراهيم” وزير مالية تحالف مليشيات بورتسودان صرح لوكالة السودان للأنباء أبريل الماضي، أن بلاده فقدت أكثر من 80% من مواردها، أليس تصريحه هذا وحده -دون حرب- يكفي لحدوث مجاعة؟!
يكذب الرجل، أي نعم، لكن يكذب في البديهيات فهذا فعل نتن وتافه، لا قيمة له، لأن العالم جميعه يعرف أن السودان، ليس فقط به مؤشرات مجاعة، بل يعاني من مجاعة حقيقية حتى أن بعض أهله أكلوا أوراق الشجر، وقد حذرت ثلاث منظمات إغاثة كبرى تعمل في السودان، أمس الثلاثاء، من أزمة جوع ذات مستويات “تاريخية” لم تشهدها البلاد من قبل، وكشفت أن العديد من العائلات أٌجبرت على أكل أوراق الأشجار والحشرات.
وقال كل من المجلس النرويجي للاجئين والمجلس الدنماركي للاجئين ومؤسسة “ميرسي كوربس” العاملة في مجال الإغاثة الانسانية في السودان في بيان مشترك: “يشهد السودان أزمة جوع ذات مستويات تاريخية غير مشهودة. ومع ذلك، فإن الصمت يصم الآذان ويموت الناس من الجوع كل يوم”. وأفادت بأن أكثر من 25 مليون شخص في السودان – أكثر من نصف سكان البلاد – يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد – يا ألطاف الله .
الجميع يرى المجاعة تمشي بين الناس بأم عينيه، عدا البرهان الحالم بالحكم على جثث السودانيين ووزيره الكوز الفاسد “أبو بكر البشرى”، ذلك اللعين كفيف البصيرة منزوع الذمة والضمير، الخادم لسيده الهارب الخائف المرتجف.
ليس هناك ما هو محقر للإنسان – أي انسان ناهيك عن منصبه – أكثر من أن يلغي بصره وبصيرته معاً لصالح فكره أو عيشه، وأن يضطر هذا الحقير الذي ينتحل صفة وزير إلى إنكار المجاعة القاتلة والأوبئة الفتاكة وقسوة الطبيعة التي تضرب بلادنا هذه الأيام بهذه الطريقة الفجة والوقحة، فليس هناك ثمة نذالة وحيوانية وحقارة أكثر من هذا، ولو أن هذا الوزير الحقير اختار أن يفتح “شرجه” في مسكنه بفندقه في بورتسودان أمام من يدفع كوسيلة لكسب العيش، ربما كان أكرم له من أن يعمل في هذه الوظيفة التي تجعله يبرر للبرهان وكيزانه ما لا ينكر أو يبرر، درجة انكار المجاعة غير المسبوقة التي جعلت السودانيين يزاحمون القطط في أكل خشاش الأرض، تاركينها تتغذى على جثث من سقط منهم بسبب الجوع لعدم وصول الإغاثة، ونقص في أوراق الشجر والثمرات والحشرات!